رحلة تدبر في قول الله تعالى : ويقذفون بالغيب من مكان بعيد - آيات من نور


حينما تنظر إلى المنجمين الذين تفيض جوانبهم غرورا وكذبا وتعاليا على الله وعلى خلقه
وهم يتقافزون في نشر أخبار العلم بالغيب والله أعلم بما يوعون

تتذكر قول الله تعالى


وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ ، وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مّكَانٍ بَعِيدٍ

إن المنجمين وخصوصا من تقحّموا مجال الأرصاد الجوية
ودخلوه ليس من باب الجامعات ودور العلم والكتب والأبحاث والاطلاع

بل من باب الدجل والكذب على الله وعلى الخلق

إن المنجمين يُصرّون على التوقعات بعيدة المدى ولا يرون أي فائدة في توقعات
اليوم القادم واليومين بسبب أن توقعات اليومين واليوم مكشوفة للناس
فلا مزية لهم فيها بحسب شيطانهم الذي يحثهم على التنجيم

لكنهم يريدون البحث عن العميق والبعيد جدا من أخبار الغيب

ليضع الشيطان على رؤوسهم تاج الكذب والتنجيم بجدارة

يهتم المنجمون بالتوقعات بعيدة المدى
رجما وزعما لا حَقّا ولا علما

يطرحونها وينافحون عنها .. وإذا ما وقعت طاروا حولها كما تطير الفراش حول النار

وهي أصلا من مشاهير الأخبار التي لا تحتاج إلى إخبار

كمثل : أمطار على نجد في فصل الخريف أو فصل الربيع

جرت سنة الله في المناخ أن يبدأ أوان الأمطار في نجد في فصل الخريف وبشكل أفضل في فصل الربيع مع استمرار ظهور الأمطار في الشتاء وبشكل أقل في الصيف

والجاهل في المناخ مثلهم يصدق أخبارهم ويظن فيهم العلم وهم أصل الجهل

::

حينما أقرأ أخبار المنجمين السعوديين لا اللبنانيين

وتسابقهم على العلم بالغيب

مصورين أنفسهم أنهم من يُسيّر هذا المناخ بأسراره العظيمة

حينها

أتدبر في قول الله جل في علاه

قُلْ إِنَّ رَبِّى يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ

وأطالع

حال المنجم الذي يقذف الغيب بالباطل سعيا منه في اختصاصه بمعرفة المستقبل الغائب
دون سائر الخلق بل دون وجه حق

وخصوصا في شأن سقيا الرحمن - الأمطار - يدعي ذلك المنجم أنه علام للغيوب

إن العلم بالأمطار يحفّه الكثير من الغيب وليس غيبا واحدا

إن النماذج العددية الأرصادية التي تحاكي المناخ لا تعلم بالغيب
وليست من التنجيم في شيء أبدا

لأنها تدرس ما يجري من سنن الله في الأرض دراسة بالحق لا بالباطل

دراسة موصولة بأسباب المطر المحسوسة مدعومة بأجهزة قياس منتشرة على الأرض وبتحديث البيانات كل ثلاث ساعات
أو ست ساعات أو خلال كل يوم أو خلال كل أسبوع أو خلال كل شهر

وهي في كل تحديث لبياناتها المحسوسة يتغير وصفها للتوقع المنتظر
لأنها تتابع وترصد حركة المناخ الذي تتغير وتنتقل فيه الرياح من مكان إلى
آخر وتنشط وتخمل من مكان إلى آخر مضفية في رحلتها على المناخ الكثير من الملامح
التي ورد ذكرها في كتاب الله جل في علاه


ولا يمكن لأحد أن يجزم من الآن بحدوث توقعات بعد ثلاثة أيام مثلا
فضلا عن توقعات خمسة أشهر أو ستة أشهر

إن النماذج العددية ليست من الكذب الذي يتعاهده المنجمون بالرعاية

بل هي من الحق والعلم بسنن الله ، علما فيه تواضع مع الله

في أنها أداة ضعيفة قاصرة ومليئة بالأخطاء وتحتاج كل فترة إلى تطوير وتحديث
وتدقيق وبشروط بالغة التأني والصبر والاعتراف بعظمة هذا الغلاف الجوي

وبدراسات تضيف إليها الجديد من الظواهر المناخية والسنن التي تجري في الأرض

وبابتكار وصناعة أجهزة قياس جديدة ونشرها على مساحات أوسع في الأرض
 
حتى تصل أخبار المناخ وبياناته من مكان إلى مكان آخر وتساعد في فهم رحلة الظواهر المناخية التي تجري في الأرض في مدد زمنية معلومة

النماذج العددية تصف ما يمكن أن يحدث ولا تعلم حقيقة بما سيحدث

بينما المنجم يدعي أنه يعلم حقيقة وجزما بما سيحدث
وبينه وبين الغيب مفاوز ومسافات كبيرة
جدا خارج استطاعة إنسان ضعيف القدر مثله

إن المنجم يقذف مباشرة بالغيب من مكان بعيد ناءٍ عن الحقيقة

وكأنه يرى في نفسه أنه وحده القريب من الغيب

إن المنجمين لا يعرفون معنى التحديثات ولا معنى تطوير النماذج العددية الحاسوبية
ولا هدف ومقصد التوقعات المناخية والجوية القصيرة والبعيدة المدى
ولا يراقبون مناخا ولا يعرفون تحليلا ولا شيئا آخر سوى
الغرور والفرح بالباطل

إن النماذج العددية تتابع حقيقة الغلاف الجوي
على مدار 24 ساعة يوميا دون توقف
تلاحق وتدرس سنن الله في الأرض
لتكشف للبشر

أن للأرض
ربا يسيرها سبحانه بنظام متقن

تكشف للبشر نظام الغلاف الجوي
ذلك النظام الواسع المتشعب والمليء بالتنوع الكبير جدا


بينما المنجم يلقي ويقذف بالغيب كذبة واحدة أو اثنتين في السنة
ثم يذهب للنوم

وهو لا يعرف من يقف خلف الباب المغلق

وإذا ما جاء المطر

قال للناس ممتنا عليهم بتحقق كذبه

ألم أقل لكم قبل خمسة أشهر أن الأمطار ستهطل في هذا الوقت

ثم يبدأ رحلة السخرية من النماذج العددية ومن الأرصاد الجوية

مصورا نفسه مالك الغيب والممسك بزمام الغيث
::

قال الله تعالى

أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ



:
::
:

اللهم عليك بكل منجم لا يؤمن بيوم الحساب

 

خالد العتيبي

عضو وكالة الأرصاد اليابانية

No comments:

Post a Comment